قصة قصيرة | القفز من الطابق السابع





قصة قصيرة ...
حزينه تأليف ريم 

الايام تدور مسرعه اكثر مما ينبغي...

هل نحسب ان الحياة ستبدأ من جديد ام انه حلم قاتل ! أم ان البدايات الجديدة كذبه نستعملها... كمخدر نحقن به انفسنا التواقه للتغير !.. لتعطي املا زائفا !.. لنمسح الغبار عن الصفحات الداميه ..

اجمع اصحفي البيضاء كل صباح فقد هربت منها الكلمات التي تحكي عن اخبار معاناه الشعوب
انها لجرائد اوزعها بغيته الحصول علي المال ياله من عمل بخس ! ولكنني اجد غرابه ...كيف يقرؤن اصحفي البيضاء! ام انني الوحيد الذي يري زوقان الاحرف... اهي ترأف بحالي العسير! ..

مررت بدكان ابو مسعود لالقي عليه تحيه الصباح المعتاده...
_السلام عليكم ...ابو مسعود كيف تيكم ؟!..
فيرد التحايا باحر منها..
_وعليكم السلام والرحمة ... نحن بنعمة والغضل لله ما خبرك يا خالد..؟.

ارمي له احدي لفافات الجرائد ليفتحها وطالع عناوين الاخبار العريضه ليقراء فقط ما يجذبه ... ويخص النظر الي صفحه المفقودين ...
فالعاده اجول بناظر اتفحص دكانه لكن هذه المرة ظهر لي وجه ام مسعود الباكي ...
ذكرني وجه تلك البكايه النائحة بالصورة التي فازت صورتها بالجائزه الاولي لمسابقه الصورة العالميه قبل سنوات عديده! ..

فقد سقط خمارها لحظة حزن فبدت كـ من توشحها الحزن مكابره امام عزلاء الموت ...لكأنها تمثال العذراء النائحه لمايكل انجلو ...

اجزم ان ولدها مسعوداً معلق لا تعرف اهو في السماء ام في الأرض!
ينهي ابو مسعود مطالعته بحزن ... اعتقد انه لم يجد اسم ابنه مع المفقودين.. ثم يعيد لي جريدتي لارميها مع الخريات بالخلف لاستأنف قيادة دراجتي..

لامر بحارة ياقوت اصيح...
_جرائد ... جرائد ؟..
لاتوقف كالعاده امام عمي الكبير فيقول لي..
_هاتي لي جريدة ...
فارمها له ... فيقول معتذرا ..
_بني هذه المره ايضا ...
فاقاطعه ...
_لا بأس عمي .... سأخذ النقود غدا..
وانا اعلم انه لن يعطيني لظروفه فبالكاد يرعي اسرته الممتدة !
وقبل ان اذهب ياتيني ابو محمود ركضا لياخذ جرائدي وكالعادة لعجلته يعطيني المبلغ زائدا لاعيده له ونتجادل بالحساب حتي يقتنع ...
ثم اواصل مسيرتي الي البناء المهجور حيث ذلك الطفل الصامت ...
عجبت جدا لامره عند اول لقاء بيننا فقد بدا شارد الذهن حاولت معه ولم يتكلم اي مشهد رأه هذا الطفل ليخرس هكذا..
راقبته وحققت لاعرف ما وراءه فسجيته اثارت حفيظتي ...
لاجد خلفه والدته بدا وكأنها تحتضر خلف حطام البيت واب مشلول عاجز يتسول مالا و قد كان حدادا قبلا ولما اصيبت ذراعه برصاصه غادره ففقد وظيفته!... كان له اخت توام ماتت بسبب اللصوص لذا هو يحرس البيت ولم يبلغ في نظري العاشره! ..
الا يحق لهذا الطفل الدراسه كما الاطفال ! عرضت عليه فأبى الا ان يحمي والدته ...
ولكن تغير سلكوكه معي مؤخرا بعد ان اعتدت ان اتيه بالطعام والماء والدواء لامه ... فانا طبيب سحبت عنه رخصه ممارسه الطب! .. ليصير بائع صحف او حري بي ان اقول موزع جرائد فمن النادر ان يشتري احد !..
اراه الان هناك يقفز فرحا لرؤيتي ... ما اجملك ... !
لأختم جولتي عند الساعة العاشره صباحا وقد بيع ربع ما معي ووزعت نصفها ليبقى ربع احتار فيه فاعيده وأدفع ما عليه ... انها حقا مجازفه خاسره! ...
لازور اخيرا احمد صديقي المقرب والعاطل عن العمل منذ ان سلب حق ممارسة مهنته بالصحافه
فلقد كان يأخذ صورا للموت في كامل خدعته وكالعادة قد يغفر للقتله جرائمهم ولكن المصورن الذين يصورون بشاعة الموت لن يغفر لهم! تلقي صديقي تهديدا بالقتل ولم يبالي ولكن بره بوالدته المنتحبه صده فصار عاطلا عن العمل...
وغالب حديثنا يكون وكاننا كبار السن بيد ان كلانا لم يبلغ الثلاثين ، نتحدث عن البلاد واحوالها وعادته نسرقه بخفوت خوف ان يسمعه احد! وفي عاده الشبان في هذا العمر يتحدثون غالبا عن الزواج!..
واذا غيرنا الموضوع هنيات لتحدثنا عن عملي المؤقت ودائما اخرسه بقول كما المثل..
_مكره اخاك لا بطل..
او ان يحكي لي عن تصويره وعبثيته فدائما ما يقول تفسير قول مصور الامريكي : كيف تريدوننا ان نضبط العدسة واعيننا مليئه بالدموع!"..
لاتقاط الصوره الانجح تحتاج لمشهد مدمع يمنعك من ضبط العدسه اكثر من عدسة متطورة فائقه! بقدر حاجتك لصور تعبر عن احساس مشاعر فقط بفلم ابيض واسود بدلا عن ادوات تنقه تنقيه اللون! ..

انها سنفونيته حياتي المعادة... حتي ضجرتها...
لطالما شعرت ان حياتي معلقه لا تتغير فكيف ابدا من جديد والواقع ثابت لن يتغير ..
اردت الموت كثيرا ..لكن عقدتي هي الطابق السابع!
ﻛﺎﻥ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻓﺎﺻﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ.. وقد كان ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ ﻟﻠﺴﻘﻮﻁ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻓﺔ ﻭﺍﻹ‌ﻧﺘﺤﺎﺭ!
لكنه كان غريبا..
كان غريبا جدا...!
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ أقطن فيه ﻳﺪﻓﻌﻨﻲ ﻟﻠﻘﻔﺰ ﻭﺍﻹ‌ﻧﺘﺤﺎﺭ..
وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓٍ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻲﺀٌ ﻳﻤﻨﻌﻨﻲ ﻣنه..
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻫﺎﺟﺴﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ فقد ﻛﻨﺖ ﻻ‌ ﺃﻭﺩ ﺍﻟﻘﻔﺰ ﻭﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻷ‌ﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻻ‌ ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﺘﺸﺮﺩ ﺃﻳﻀﺎً ﻭﺃﻧﺎ ﺟﺜﺔ!

في مصر /القاهره في فندق

كنت قد جئت برفقه عمي وابنه بصفتي حاملا لاسم طب ! فقد كان عمي مريضا وكانت مصر الطريق الوحيد الميسر للعلاج... عرض علينا صديقه ان يوفر لنا مكان اقامه بفندق بالطابق السابع! مطلا علي نهر النيل العظيم ..
لا ﺃﺩﺭﻱ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺎﺩﻓﺔً ﺍﻡ ﻗﺪﺭﺍً ﺟﻌﻠﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻗﻄﻦ ﻓﻴﻪِ !
لولا شارع غبي بغيض مكتظ مزدحم كان عائقا ... فصلني عن النيل لكنت رميت نفسي به
تسللت دمعتان حارقه علي خدي ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ بكا۽ا كما الاطفال..
ﻷنه ﻻ‌ ﻃﺎﻗﺔ ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﻗﻔﺰ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺷﺎﺭﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻭﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﺣﺰﻧﻪ ﻟﻨﺒﻜﻲ ﻣﻌﺎً ﺃﺣﺰﺍﻧﻨﺎ ﻭﻧﻮﺍﺳﻲ ﺑﻌﻀﻨﺎ..
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻭﺭﻱ ﺍﻟﻘﻔﺰ ﻓﻴﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻩ ﺍﻹ‌ﻗﺘﺮﺍﺏ ﺃﻛﺜﺮ مني!

بالامرات / بدبي ...
بعد حادثتي الاخيرة كنت اقرب للاموات منه من الاحياء! اثر وفاة عمي بمرضه اللعين... افكر دائما بالموت!
وبإلحاح والدتي اللجوج ذهبت لاعتمر بمكة المكرمة واشرب من ماء زمزم لعلي ابعد فكرة الانتحار ... وهناك صادفت صديقا لي دعاني الي دبي ..
لاقيم ايام عنده بفندقه لاقيمه ...
ﻛﺎﻥ ﻣﻜﺎﻥ ﺟﻤﻴﻼ‌ً ﻭﺷﺮﻓﺘﻪ ﺃﺟﻤﻞ ﺷﻲﺀ فيه!
ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﻓﺘﻲ ﺗﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺣﺔ ﺍﻷ‌ﻣﺎﻣﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﺪﻕ حيث ﺣﺪﻳﻘﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺰﻫﻮﺭ ﻭﺍﻟﻮﺭﻭﺩ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺷﺎﺕ ﺍﻟﻤﻠﻮﻧﺔ..

وﻛأن ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﺤﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻹ‌ﻧﺘﺤﺎﺭ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺃﻧﻲ ﻓﻲ (ﺍﻟﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟسابع) ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟي بالضبط ...

ﻛﻨﺖ ﺃﻓﻜﺮ ﻣﻠﻴﺎً ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻣﺮ ﺣﺘﻰ ﺟﺎﺀﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺎﺭﺩﺗﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺰﺍﻧﻬﺎ..
ﺫﻫﺒﺖ ﻟﻠﺸﺮﻓﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻲﺀٌ ﻟﻌﻴﻦ ﻟﻘﺪ ﻋﺎﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺷﺎﺭﻉ ﺗﻘﻒ ﻓﻴﻪ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷ‌ﺟﺮﺓ ﻭﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻠﻴﻤﻮﺯﻳﻦ ﺍﻟﺒﻐﻴﻀﺔ..
ﻛﻨﺖ ﺃﺭﻯ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺳﻌﻲ ﺍﻟﻘﻔﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺇﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻹ‌ﻗﺘﺮﺍﺏ..
ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻧﺒﺘﺔً ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﺷﺠﺮﺓ ﺗﻔﺎﺡٍ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻵ‌ﺛﺎﻡ!

ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻷ‌ﻥ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﻗﻄﻦ ﺑﻴﺘﺎً ﻣﻦ طابقان فقط !.
ارقب من فوقه الماره بحزن! ..
كعمود انراه وحيد بين الظلمه! ..
بالكاد يضيء شارعا لايمر به احد اطلاقا !!

اوليس الصمت انتحاراً بلغة قليلي الحيله او فاقديها ؟!..

تعليقات