قد يغفوا يجانبي مرتاح ; حلمي



بقلم Late Autumn 

قـــصـــة قـــصـــيـــرة
قد يغفو بجانبي مرتاح حلمي
تستيقظ على اصوات ضجيج الشارع
فقد ولدت في مدينة شعبية يعمها الهرج والمرج
تتذمر كالعادة من حال معيشتهم
تسخر من وظيفة والدها الذي يكسب لقمة عيشه من قوته
تأنب والدتها على ما يمرون به من اوقات عصيبة
لماذا علينا العيش هكذا ؟ لماذا لا نملك سيارة ؟ لماذا منزلنا صغير ؟
لماذا ولماذا ...
تذهب الى مدرستها ، انها السنة الاخيرة هنا قبل دخولها الجامعة ؛ كثرة التفكير بمستقبلها ارهقتها ؛ كثرة التأمل والعيش على الامل جعلتها تعاني في كل لحظة تمر بها.
انها لا تزال تريد ان تصبح طبيبة بوظيفة وراتب يجعلها تغير من حالتهم المعيشية
تدخل الصف لترى عدد يحصى من الفتيات يتجمعن حول نافذة الصف المطلة على الشارع
- "هل اتيتي ... تعالي وانظري بسرعة "
اجابتها متسائلة " ماذا هناك "
" أسرعي "
- " انه اجمل شاب رأيته في حياتي "
قالت لها بسخرية " هه .. انا حقا لا اهتم لأمرهم "
- " يالك من فتاة "
عم الصمت للحظات .. ثم عاد كل منهن الى مكانه فور دخول الاستاذة
- " قابليني قبل ان تعودي للمنزل "
" حسنا "

____
بعد ان انتهى الدوام المدرسي
اوشكت الشمس على الغروب

سألتها بأستغراب " الى اين نحن ذاهبتان "
- " الى المنزل "
" ماذا ؟ "
" سأوصلك الى منزلك ،وايضا ستكون فرصة لرؤيته انت اتيت الى منزلي عدة مرات اما انا فلا "
قالت لها وعلامات الحزن بدت على وجهها " حقا لا داعي لهذا ... فهو صغير "
- " سكون امرا رائعا "
اشعر بالسوء لأني كذبت عليك يا صديقتي ... انا لست الا فتاة فقيرة لا تملك منزلا كمثل منزلك لكن ما نفع الكلام الآن سترى وستعرف

تحت السماء البرتقالية تسيران الصديقتان
كانت شاردة الذهن تفكر في ما ستقوله لصديقتها بعد ان تكتشف انها ليست الا فتاة فقيرة
مرت سيارة مسرعة صدمتها ... بسبب عدم تركيزها لم تكن لديها اي ردة فعل لتبتعد منها ... فسقطت ارضا

ينزل شاب يبدو في العشرينيات من عمره ... يبدو ثريا من نوع السيارة التي يقودها و الملابس التي تبدو لشركات مشهورة
عيناه عسليتين شعره اسود .

- " اوه يا الهي ... آنستي هل انت بخير "
- " يبدو انها فقدت الوعي "
يتحسس نبضات قلبها
" لا زالت على قيد الحياة "
- " وهل تظنها ميته .! اسرع بنقلها للمشفى "
- " اوه حسنا "
يضع يده اسفل رأسها ويقوم بحملها الى السيارة بعد ان فتحت صديقتها الباب الخلفي
فيذهبون الى المشفى

___

عند الطبيب
-" أصيبت ببعض الرضوض في جسدها ، وكسر في اليد اليسرى "
- " يال الهي ما العمل .! "
الطبيب " لكن .. سيدي لم تخبرني ماذا تكون للمريضة .؟
- " لقد صدمتها في حادث سيارة "
-" ماذا عن اهلها "
- " انا لا اعرف شيئا عنهم ، لكن اعتقد ان صديقتها تعرف "

____
تفتح عينيها ببطئ وكأنه حدث في الامس ... لقد مر اسبوع بالفعل .!
ملامح ذلك الشاب لم تفارق ذهنها رغم انها لم تراه جيدا
عندما حملها ... نبضات قلبه التي شعرت بها
قلقه عليها ...
طيلة فترة علاجها وهي تفكر به ، هل هو،الفارس الاسود الذي جاء لانقاذي ؟
منذ متى واصبحت افكر بالشبان .؟ واهتم لأمرهم .. لا اعلم ما الذي يجري معي ! كان جل ما افكر فيه دراستي ... لكن في الآونة الاخيرة اصبحت افكر بأشياء لم افكر بها من قبل

تدخل صديقتها الى المشفى
وتصل الى غرفتها
تطرق الباب فتدخل

-" يبدو انك تحسنتي "
- " أجل ..."
- " لكن منذ ذلك اليوم مستواك الدراسي قد هبط ... لقد احضرتك لك دروسك الفائتة "
- " شكرا ..."
انا حقا لا اهتم بالدراسة
- " لقد اخبرني الطبيب بأنك ستخرجين اليوم "
- " أجل "
- "والدك لا يستطيع ان يقلك ... انه مشغول بالعمل "
تتغير ملامح وجهها ... وتنظر الى النافذة
انه لا يملك سيارة حتى ..
- " لذا لقد جاء الشاب من ذلك اليوم لأنه لا يزال يشعر بالذنب تجاهك "
ترسم ابتسامة عريضة على وجهها حاولت اخفائها بتغيير الموضوع

يقلها الى المنزل بعد ان تعرف بعضهم على بعض
في الواقع ظنت انه مهتم بها

مرت الايام والليالي الى ان تطورت علاقتهما
أصبحت ودية تماما
وقد اعترفت بأعجابها به وتقبل ذلك منها
ظنت انه شخص يحبها بصدق من عائلة غنية كما في القصص الخيالية
سيتزوج من فقيرة ويجعلها تعيش كالاميرة
لكن هذا عكس الواقع تماما فقد كان يخدعها ، ويملئ عقلها بأوهام لا وجود لها ، يخبرها بأنها ستكون زوجته بأنها ستكون ملكه
وهي تصدق وما يقوله لها
تخرج معه في مواعيد غرامية
بينما كان صديقه يخبرها ان تبتعد عنه فهو لا يناسبها ..
كانت تتهمه بالغيرة
بينما كانت اختها تعارض ما تفعله وتهددها ان تتوقف تخبر قبل ان يعلم والديها
لكنها تدخل نصائح اختها من أذن وتخرجها من أذن اخرى
وتخبرها " سأصبح غنية وستكون الاموال تحت قدماي اما انت فواصلي العيش في هذا البيت الأشبه بحاوية مهملات "
في احدى الايام
يحاول التقرب منها لكنها فهمت ما يحاول فعله بدعوتها للذهاب معه الى احدى الفنادق
- " ما الذي تظنه بي ؟ انت لن تلمسني الى ان نتزوج ، هذا ما اتفقنا عليه صحيح ؟ "
" اوه ... بالطبع "

بعد مرور أسابيع وفي احدى ليالي الشتاء الباردة
اتصلت به لتسأله عن حاله ...
فمنذ ذلك اليوم وهي لم تسمع صوته او حتى ترآه
- " مرحبا "
- " من المتصل "
رغم صدمتها من عدم تعرفه على صوتها ولا حتى رقمها لقد اختلقت عذرا له في نفسها
- " انها انا "
- " اوه .. كيف حالك عزيزتي "
بعد ان سمعت تلك الكلمات تخرج من فمه نست ما هي عليه وحلقت في عالم احلامها الوردي
يكمل قائلا وهو يبدو ثملا
- " لماذا لم تأتي ليلة امس ؟ لقد اشتقت اليك ، هل ستأتين الليلة ؟! ام استبدلك بأخرى كالعادة هههه "
دمعت عينيها .. فقد صدمت من ما سمعته فقالت متسائلة
- " عن ماذا تتحدث ؟ "
- " لا تدعي البلاهة .. انا انتظرك في الفندق "
يغلق الهاتف وتبدأ دموعها بالتساقط
دخلت شقيقتها فرأتها تبكي ... توقعت أن هذا ما حدث
فتقول لها وهي تؤنبها
- " ألم اخبرك ان لا وجود للحب ؟! ألم اخبرك اننا في زمن حيث الشبان يخدعن امثلاك ؟؟ "
تضم رأسها بين احضان اختها وهي باكية لا تعرف ما الذي تفعله وما الذي ستفعله
" يبدو ان الشيطان قد تمكن منك ... قد ابعدك عن طريقك الذي كنت تسلكينه "
- " انا اسفة ... وحقا نادمة ... ارجوك يا اختي ارشديني الى طريق الهدى "
تقبل وجنتاها وتخبرها
-" اذهبي وقبلي قدم امك التي عصيتيها كثيرا في الأونة الاخيرة .. واطلبي المغفرة من والديك الذان لم يتخليا عنك "
وقد فعلت ما امرتها شقيقتها به .. وقد كانت سعيدة للغاية بهذا فقط ... عائلتها ... هل يوجد نعمة اجمل من هذه يهديها الله لك .؟

____

بعد مرور 6 سنوات
- " خذوها الى غرفة العمليات "
- " حسنا "
تتجول في ارجاء المشفى ... بعد ان تخرجت منذ عام
تقف امام غرفة العمليات
رجل يأتي اليها باكيا ... متوسلا ... تبدو ملامحه مألوفة
- ايتها الطبيبة ارجوك انقذيها فهي كل ما املك سأدفع لك ميلغ كبيرا .. لا تجعليها تموت
ذلك الصوت ... انه ذلك الشاب ..!
ينظر هو الآخر الى اسمها المعلق على ردائها
فتتسع مقلتاه ويتجمد في مكانه
تلك الطالبة .!! ك..كيف
تبتسم وتقول
- " يدور الزمن ... أليس كذلك ؟ "
-" ارجوك لا تأخذي ثأرك مني الآن .. انقذي ابنتي ولنتحدث "
تقاطعه وهي تقول
" ليس لدي ما احدثك بشأنه ، وانا لا اتبع مبدأ العين بالعين ، سأفعل ما بوسعي فعله لأنقاذها "
ينزل رأسه للأسفل ... فما من شيء يستطيع قوله لها
تنظر الى امراءة كانت تقف وراءه
وتقول بسخرية
- " هي احدى عاهراتك ، صحيح ؟ "
تنزل رأسها للأسفل هي الأخرى .. فما قالته لم يكن الا حقيقة
بعد ان نجحت العملية
تخرج من غرفة العمليات
" شكرا ايتها الطبيبة ، انا ممتن وأسف على ما حدث في الماضي .. سأدفع لك المبلغ الذي تطلبينه "
-" لست بحاجة لأموالك ، انقذتها ليس لانك والدها ولا لأني سامحتك بل لينتقم منك الزمن بجعلها تعاني مثل ما عانيت "
تتركه بعد ان قالت تلك الكلمات التي حفرت في رأسه

اصبحت طبيبة ...
حلم قد يتحقق حتى لو ولدت في عائلة فقيرة ...
الفقر لا يعني انك لن تحقق احلامك ..
فالأحلام تتحقق اذا كنت تريد تحقيقها فعلا ...
لن تقف العقبات في طريقك إذا كنت مصرا ..
لن يمنعك احدا اذا كنت واثق مما تفعله ...
لا تنسى ان تضع مشاعرك جانبا ...
وتجعل الله ووالديك امام عينيك في كل ما تفعل ...
كل ما تحتاجه يا من تعيش تحت سقف يكاد السقوط ...
شعلة امل حتى لو كانت بحجم عقلة الاصبع ...
بقلمي
#خريف_راحل
#Late_Autumn



تعليقات